الاثنين، 16 فبراير 2015

أثر التحولات الاجتماعية والثقافية على مفهوم رعاية كبار السن




تظل الأسرة في الإمارات الحصن الآمن لأفرادها أطفالاًً وشباباًً وكباراًً في السن، رغم موجات التغير السريعة التي تمر على المجتمع، أدت بدورها إلى ظهور تشكيلات اجتماعية وعلاقات جديدة تختلف لدرجة ما كان عليه الواقع في المجتمع التقليدي، تولد عن ذلك قيم وعادات وتقاليد ليست بالضرورة سلبية لما درج عليه المجتمع، لكنها قيم توجه السلوك وأساليب التفكير بشكل مختلف.
فالأسرة هي المؤسسة الضامنة والملجأ الرئيسي لتقديم المساعدة والعون لأفرادها من كبار السن، حيث ينظر المجتمع إلى كبار السن باعتبارهم رجال الأمس فهم يمثلون الحكمة والخبرة الذي يعتز بخبراتهم ويستفاد من تجاربهم ويستنار برجاحة عقولهم، وهم بجهودهم تحقق الكثير من النجاح سواء للأبناء أو الأحفاد أو للوطن بكامله، فهم أجدادنا وأباؤنا الذين يعيشون بيننا ونشأنا وتربينا في أحضانهم وسط تلاحم أسري ومحبة، أولئك الأوائل الذين صاغوا ملحمة البناء وواجهوا التحديات لنصل اليوم إلى ما وصلنا إليه من تقدم ونمو ونماء.
لذا يجب توعية الأسرة وتدريبها على الكيفية التي ينبغي أن تساعد من خلالها على رعايةهم وتكريمهم، والكيفية التي يمكن أن ينظم بها جهد الرعاية ومجالاته حتى لا يصبح الجهد على طرف واحد فيها يجعله شبه متفرغ، لذلك مما يؤدي أحياناًً إلى إعاقة تحقيقه ذاته أو تطلعاته. ليس المطلوب أن تكون عملية الرعاية والتكريم على حساب طرف واحد، وإنما على العكس المطلوب أن تكون عملية التكريم والرعاية عملية تبادلية، الكل يسهم فيها ويستفيد منها.
 فالمسن يملك الكثير ويمكن أن يقدم الكثير لمن حوله، وعلى الآخرين من أفراد الأسرة العمل وبشكل يقوم على تقسيم العمل، بحيث لا تكون مشقة على أي واحد منهم في مساعدة المسن تجاوز احتياجاته الصحية والغذائية والمشاركة معهم وعدم شعورهم بالعزلة والوحدة في الحديث.
فمسألة رعاية كبار السن ليست مجرد إذعان لطلباتهم أو أن برهم هو مجرد تلبية طلباتهم وإنما (البرَ) بالمعنى الجديد معرفة ما ينبغي مساعدتهم ورعايتهم به وفق أسس ومعايير علمية في كافة المجالات، والعمل مع مؤسسات متخصصة وجمعيات عديدة على تقديم الخدمات والمرافق المناسبة التي تساعد المسن على خدمة نفسه بنفسه واستمتاعه بحياة أفضل وأطول.
                                                                                                                                           
                                                                                                   شهين علي محمد الفارسي
                                                                                                      شعبة الدراسات والبحوث والإحصاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق